{ الحب باعتباره تمفصلا دلالياُ ارض ـ سماوياً ) قراءة فنية مقتضبة لنص ( صَلاَةُ الغَائب) للشاعر العراقي (محمّد الوَسَيم)

و.ش.ع
بقلم/باسم عبد الكريم
ما مَنَّتْ عَليَّ الدُّنيا
بِشيئٍ إلا ،، بِمَواجِعي
وَمَا رَتَلتَ حروفِي إلا
بَأنفَاسِكِ
بِجَمالِ لُقْياكِ صِرْتُ أَغْنى
أُحَلِّقُ بسَماءِ الحُبِّ مَعَكِ
أَنْطِقُ فيكِ لَحْني
فَريدٌ أنا بِحُبّي..لا أحد يُشْبِهُني
أُحِبُّ فيكِ لَوني
وروحَكِ الَّتي تُغَرِّد
تعاليّ حَبيبَةَ خافِقي
وانْشُدي الغَرام الموُحِّد
َمِحْرابِكِ لونَ صَلاتي
ولَكِ الصلاةُ تَُنشَد
ملاكٌ أتىَ من سماءٍ
فيها العِبادةُ ولهٌ
والجَمالُ يُؤخَذ
القلبُ يَُهِيمُ بكِ شَوقاً
بمِحْرابِ عينيكِ يَتَعَبَّد
وسُجودي لكِ يُذكر
ارحَمي عَاشقٌ صار بِحُبِّكِ
مُتَعَبِّد
سَجينُ هواكِ ارتَشَفَ وجْدَكِ
وغزلَ هَيامهُ على سَجاَّدَةِ الغَرام
يَقومُ اللّيل و يَسجُد
أنا أُعَطِّرُ قلبي بِنَبْضِكِ
كيفَ الحنينُ إلَيكِ يُبَدَّد
َربَما احبَبتُكِ
قَبلَ الخَليَقةِ أنّ تَولَد
……………………….
القراءة
******
قراءتي لن تتطرق للمعاني الظاهرة في النص وهي قريبة من فهم القارئ لإبتعادها عن الرمزية وتجنبها التعددية الدلالية ، بل ساركز على ما لم يقله النص ، وارى فيه معنى مخبوءاً تحت الظاهر، تعطي للنص مزيةً تحدد له صفة خاصة بين النصوص التي لها ذات الثيمة / الحب او العشق
اذا ما استعرضنا خصوصية معاني / مدلولات هذه المفردات / الدوال :
ارتل ،مِحْرابِ ، صَلاة ، ملاكٌ ، سماءٍ ،العِبادةُ ، يَتَعَبَّد ،سُجودي ، مُتَعَبِّد ، سَجاَّدَةِ ،يَقومُ اللّيل، يَسجُد
لوجدناها ذات سياق ميتافيزيقي غيبي / سماوي ؛ ديني طقوسي
اما مدلولات هذه المفردات :
أنفَاسِكِ ،جَمالِ ، لُقْياكِ ،أَغْني ،أُحَلِّقُ ، الحُبِّ ، لَحْن ،أُحِبُّ ، تُغَرِّد، حَبيبَةَ، خافِق
انْشُدي ،الغَرام ،القلبُ ،يَُهِيمُ ، شَوقاً ،سَجينُ هواك ، ارتَشَفَ ،وجْدَكِ ،غزلَ ،هَيام
عَطِّر ، قلبي ، نَبْضِكِ ، الحنينُ ،احبَبتُكِ
فهي ذات سياق لغوي معجمي فيزيقي معلوم / ارضي ؛ دنيوي سلوكي عاطفي
تدور معانيها حول مخاطبة / حبيبة بدلالة هواك ، وجدك ، نبضك ، احببتك ) اضافة
لتخصيصها بالصحبة / معك ، والظرفية الحلولية / فيك ، والوسيلة / بك ، وانتهاء الغاية / اليك
ولاننا نستشعر في دلالات / جمال ، اغني ، احلق ، لحن ، تغرد ، انشدي ، يهيم ، وجدك ،عطّر / نبض والحنين
نقاء المعاني وبعدها عن اية اشارة لدونية السلوك او غرائزية التلميح ، فان حباً كهذا
يقرب من ( الطقوسية التقديسية ) يدعّم هذا التأويل تصريح الشاعر واصفاً من يحب
( ملاكٌ أتىَ من سماءٍ ) والسماء كما ذكرت انفا لها دلالة دينية طقوسية كون ان الغروب والشروق فيها يحدد مواقيت الصلاة والصوم ، اضافة ما للملاك من دلالة معروفة في تراث عموم الاديان ، وورود ( الوجد / الحنين / شوقاً ) ، اشارات الى غياب الحبيبة ، وبُعدها عنه ، تراه لسبب ظرفي او قهري مرتبط بإرادة تمقت التقاء الاحباب وتسعى في ابعادهم عن بعضهم ؟؟ غير ان خاتمة النص ( َربَما احبَبتُكِ
قَبلَ الخَليَقةِ أنّ تَولَد ) توحي ان تلك الحبيبة قد تكون ( فتاة احلام ) عشقها الشاعر دون ان يلتقيها في الواقع بعد ، وراح يصبِّر نفسه بتمثيلها مؤنسنةً في هذه الصور العاطفية الدلالات ، المكتظة بالحركة كمكافئ لشدة التهاب مشاعره اشتياقا لها وعدم استقرار دواخله النفسية الملتاعة لعدم التقائه بها ،
هنا حقق الوسيم تمفصلا بين قيمة سماوية مقدسة يعبر عنها طقوسيا بالصلاة واخرى ارضية حياتية انسانية لاتقل قدسية عن سابقتها عبر عنها بطقوسية التسامى فوق الغرائز والحاجات الجسدية الاشتهائية ، طقوس يمكن ان ترقى لمصاف الصلاة في محراب انتظار قدوم الحبيب الغائب ، وهذا ما المحت اليه عتبة عنوان النص ( صلاة الغائب )، والتمفصل تم بواسطة ( الحب ) فالحب عنده /ان صدق وطهُر وتجرد عن غائيته الغريزية ، فسيغدو صراطا معبدا يربط الارض بالسماء ، والمقاربة المعنوية هنا : يربط الانسان بذاته فلا حيرة وجودية يمكن ان تبدد سلام روحه وتصدع استقراره الداخلي .. فهل يكون الحب النقي المنقذ من حجيم الكراهية الذي يكاد يحرق المعنى الحقيقي للانسان
باسم الفضلي / العراق