التحقيقات

كيف نقضي على ثقافة كده وكده ؟

و. ش. ع

متابعه/ د.علاء ثابت مسلم

حوار د رانيا الوردي مع العالم الموسوعي بروفيسور محمد حسن كامل

الجزء الأول “ثقافه كده وكده” فى سلسلة حوارات اللهم ثورة ثقافية”

هدف سلسلة الحوارات “اللهم ثورة ثقافية”:
الحوار حول نقد العقلية الثقافية المصرية والعربية عبر أدب الحداثة وما بعد الحداثة، بحيث يصبح أدب الحداثة ومابعد الحداثة داعما لعملية إعادة بناء العقلية الثقافية المصرية والعربية بشكلها الراهن والعبور بها إلى مجتمعات الحداثة وما بعد الحداثة، حيث الطفرات الإقتصادية والثورات الصناعية، التى ترتكز على ثورات علمية ومعرفية وتكنولوجية وثورات تربوية تعليميه، التى تعد أجيال الاطفال والشباب للتأقلم مع مجتمعات الحداثه بل ما بعد الحداثة.
أول من سنبدأ معه حلقات السلسة هو المفكر الموسوعى العالمى الدكتور المفكر / محمد حسن كامل -كما لقبه محرك جوجل العالمى – ورئيس إتحاد الكتاب والمثقفين العرب بباريس، صاحب المشروع الثقافى التنويرى لدعم إعاده بناء العقليه الثقافية المصرية والعربية، مؤسس علم النسبة الذهبيه فى القرآن الكريم والسنة النبوية ،مؤسس جمعية “تحيا أفريقيا”ومقرها فرنسا وسفير السلام فى فيدرالية السلام التابعة للأمم المتحدة.
سنركز مع سيادته في هذه الحلقة حول بُعد من أبعاد
العقلية الثقافية المصرية والعربية، التى تقف حجر عثره أمام تحول المجتمع المصرى والعربى إلى مجتمعات الحداثة وما بعد الحداثة. ويتمثل هذا البُعد فى ثقافة “كده وكده”

السؤال الأول:
فى عمل حضرتك الأدبى “إلى السيد كده وكده…!!” نقدت حضرتك جانب مظلم من جوانب العقلية الثقافية المصرية والعربية، كما نوهت عن وجود هذا الجانب المظلم فى الثقافة على المستوى الدولى. ويتمثل هذا الجانب المظلم فى “ثقافة كده وكدة”. ما هو تعريف حضرتك لثقافة كده وكده؟

ـــ بالتأكيد يسعدني أن أرحب بحضرتك المحاورة والناقدة السامقة الأستاذة الدكتورة رانيا الوردي أستاذ مساعد الأدب الألماني بكلية التربية جامعة عين شمس , رئيس منتدى الحوار العربي الأوروبي في إتحاد الكتاب والمثقفين العرب بباريس، عضو مجلس إداره الجمعيه العلميه للكاتب النمساوى يورا صويفر بفيينا منذ ٢٠١١ وحتى الآن- عضو الهيئه الإستشاريه العلميه فى هيئه إنست الدولية بفيينا الداعمة للحوار الثقافى القومى والعابر للقومية منذ ٢٠١١ وحتى الآن وعضو هيئه تحرير مجله ترانس للعلوم الثقافيه بفيينا منذ ٢٠١١ وحتى الآن .
ثقافة ” كده وكده ” تُعني إنعدام الإخلاص بكل أبعاده ، الظاهر غير الباطن ، خلل في الشخصية التي تروج لتلك الثقافة ، ثقافة الإيمان بالمتناقضات في آنٍ واحد ، الشئ وضده ، كله مباح لأصحاب المصالح الخاصة ، ثقافة كل الألوان في نفس الوقت، منحى خطير نحو النفاق الفردي أو الجمعي ، إظهار صور مغايرة للحقيقة ، ثقافة الكيل بمكاييل مختلفة ، على سبيل المثال الخدمة التي تُقدم لأصحاب الحظوة غير الخدمة التي تُقدم للعامة ، ثقافة ” كده وكده ” تنشر العنصرية والطبقية حتى على مستوى دول العالم في المنظمات الدولية مثل مجلس الأمن أو الأمم المتحدة ، هناك مكاييل مختلفة تتعامل بها الشعوب الغنية والقوية بعضها البعض ، غير أن هناك لغة أخرى ومعايير تتعامل بها تلك الدول الغنية مع فقراء العالم أو العالم الثالث كما يقلون ، ولدينا مثال واضح على كيفية تعامل الغرب وأمريكا مع القضية الفلسطينية .

السؤال الثانى: ما هى الأسباب التى أدت من وجهه نظر حضرتك إلى ظهور ثقافه “كده وكده” فى أعمالك الأدبيه؟

ـــ حسناً سيدتي سؤال وجيه ورائع ، كما تعلمين سيدتي للأدب رسالة وقوة ناعمة كسائر الفنون ، الأدب يرصد كل معطيات العصر بعدسة النقد المحايد ، تلك العدسة تلتقط الظواهر التي تتفشى في المجتمعات ، وثقافة ” كده وكده ” توغلت في عمق مجتمعنا ، دائما المعايير المختلفة مطروحة في الإدارات الخدمية ولاسيما في المصالح الحكومية في كل القطاعات والخدمات مثل قطاع التوثيق والسجل المدني أو قطاع التعليم أو الصحة …..والقائمة طويلة ، ومن ثم كان من الضروري أن نرصد تلك الظاهرة بغية ثورة التصحيح في المجتمع وضمان الحقوق للمواطن دون زيادة ولا نقصان ، بالتأكيد رصدتُ بعض أبعاد تلك الظاهرة للمساهمة في بناء مجتمع خالي من المحسوبية والرشوة والفساد ، بل المساهمة في إعادة صياغة العقل العربي على أسس علمية سليمة ترتكز على قيم الحق والعدل والمساواة …..تلك هي الأسباب التي جعلتني أن أعيش هموم المواطن على أرض الواقع لأرصد أوجاعه وهمومه ومشاكله عن قرب ، رسالتنا أن نقضي بوضوح على ثقافة ” كده وكده “.

السؤال الثالث:

وماذا عن الأسباب التى أدت إلى ظهور ثقافة “كده وكدة” على المستوى الدولى كما نوهت حضرتك فى أعمالك الأدبية؟

ـــ للأسف سيدتي أن الدول الكبرى الغنية تتعامل مع الدول الصغرى والفقيرة بصورة فوقية وسلطوية وعلوية ، شئ جميل أن ندرس أهداف نشأة هيئة الأمم المتحدة ومنظماتها الدولية ، بنود رائعة ولكنها حبر على ورق في الأدراج دون تفعيل ، القانون الدولي له مواد رائعة ولكنه لايُطبق على الدول القوية والغنية ، توزيع الثروات هناك دول تُلقي الفائض من الطعام في المحيطات للمحافظة على أسعار السوق العالمية في الوقت الذي يموت فيه الكثير من أبناء الشعوب الفقيرة ، الموت جوعاً ، لقد صرخت في مقالاتي وأنا أرصد السياسة الدولية حينما قلتُ : ” أخشى أن تفقد الإنسانية الإنسانية ” صحيح هناك منظمات أهلية وغير رسمية تحاول ان تقدم شيئاً ما الفقراء العالم ، على سبيل المثال ” منظمة أطباء بلا حدود ” الفرنسية التي تحاول مساعدة فقراء أفريقيا في مجال المساعدات الطبية ، وتظل ثقافة ” كده وكده ” مستمرة على المستوى العالمي لرعاية المصالح بين الدول بعضها البعض.

السؤال الرابع:
هل تعتقد حضرتك أن ثقافة كده وكده هى أحد الأسباب الجوهرية لإنهيار المجتمع المصرى والمجتمعات العربية؟

ــــ نعم سيدتي، عدم الإخلاص كارثة بكل المقاييس. ثقافة ” كده وكده ” هي الأساس في تدهور المجتمعات وتراجع دولة الفكر والعلم والفن ، تلك الثقافة السائدة في المجتمع العربي أدت إلى تراجع الإنتاج مقابل زيادة الإستهلاك ، أصبحنا مستهلكين أكثر من أننا منتجين ولاسيما فيما يتعلق بالبحث العلمي والتقدم نحو الحداثة ، ومن ثم كانت دعوتنا التي ندعو بها نحو التنوير بإعادة صياغة العقل العربي مرة أخرى حتى يواكب الحداثة مع الأصالة ، عودة الأخلاق والفكر والفن والتذوق الجمالي ، دراسة أسس علم الجمال في الكون وفي خلق الله ، لقد تم إفساد العقل العربي ومن ثم علينا تنصيب منهاج الفكر والعلم والتأمل والحوار حتى يكون العقل العربي قادراً على مسايرة الحداثة.

السؤال الخامس:
ما هى الطرق والإستراتيجيات التى تعتقد حضرتك أنها كفيلة للمكافحة الفعالة ضد هذا الجانب المظلم فى العقلية الثقافية المصرية والعربية؟

ـــ مما لاشك فيه سيدتي أن معرفة تشخيص الداء نصف العلاج والدواء ، ومن ثم من الضروري الإهتمام بالمؤسسة التعليمية كلها بدءاً من الحضانة حتى الجامعة ، تحفيز العقل النقدي للفكر وطرح أسئلة العبقرية لرصد الواقع ، جيلنا تعلم في وزارة أسمها ” وزارة التربية والتعليم ” الأن بصراحة ليست هناك تربية ولا تعليم ….!! حينما يعتدي التلاميذ على المدرسين ….أين التربية ؟ إنتشار ظواهر العنف والتنمر والكراهية في المدارس ، تراجع دور المعلم عن رسالته النبيلة التي لا تظهر إلا في الدروس الخصوصية ، مما لاشك أن اي صرح حضاري عالمي يُبنى على تلك القواعد الحضارة =
التقدم العلمي + الرقي الأخلاقي + الفن الجيد + الإقتصاد القوي + الحوار الفكري + إحترام القانون.
إذا توفرت هذه الدعائم يمكنا بسهولة القضاء على ثقافة ” كده وكده ” وإضاءة الجانب المظلم في العقل العربي.

السؤال السادس: هل تعتقد حضرتك أن الأفلام والمسلسلات والمسرحيات والأغانى بإعتبارها تمثل أشكال أدبية يمكنها أن تكافح هذا الجانب المظلم فى العقليه الثقافيه المصرية والعربية؟

ــــ بالتأكيد دكتورة مما لاريب فيه أن الفنون برمتها تكافح فساد الذوق العام ، ومن ثم أن السينما والتليفزيون والمسرح وسائر الفنون تقدم رسالة سامية تدفع العقل نحو الفكر الرصين ، الفنون لها قوة ساحرة لتطويع العقل في بوتقة الفن والجمال والفكر فضلاً عن رؤيا جديدة يطرحها لتعزيز رسالة الإصلاح المجتمعي ، مراجعة النفس فيما لها وما عليها من معتقدات وعادات وتقاليد ، الفنون تغرس قيم الحب والعدل والمساواة والجمال والكمال والجلال ، ومن ثم سيدتي من يريد أن يدرس سمات الشعوب وخصائصها لابد عليه أن يقفز من نافذة الفن الذي يقدم بصدق شهادة على العصر بكل مافيه وبكل ما عليه ، الفن هو العصا السحرية الذي يغيير واقع الشعوب للأفضل .
في نهاية حواري أشكرك دكتورة على إتاحة الفرصة للحوار في تلك القضايا الشائكة من ” كده وكده ”
شكرا جزيلا لهذا الحوار الثرى يا دكتور حول أحد الأبعاد فى العقلية الثقافية المصرية والعربية، التى تقف حجر عثرة أمام التحول لمجتمعات الحداثه وما بعد الحداثة. وموعدنا فى الحلقة القادمة مع بعد آخر مظلم فى العقلية الثقافية المصرية والعربية ودور الأدب فى عرضه ونقده. وهكذا يصبح الأدب معبر لمجتمعات الحداثه وما بعد الحداثه.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: