Uncategorized

أم كلثوم على مسرح دبي، عفواً إنها “القهوة من غير وِش” !

و.ش.ع

متابعه-د. هادي حسان 

كتب الدكتور هاني أبو العلا أستاذ نظم المعلومات الجغرافية بجامعة الفيوم.
لا شك إن للعلم اسهاماته التي لا تحصى و لا تُعد على البشرية من قارة انتركاتيكا في الجنوب وإلى إلتقاء الأفق ومعانقته لأطراف سيبيريا في الشمال، فلا يمكن انكار الاكتشافات البشرية، سواء طاقاتنا النووية المريعة أو تكنولوجياتنا البديعة. وأينما وجدت مصادر الثروة سواء أكانت تحت الأرض أو فوقها ( فإن للإنسان ما تمنى).
ومع تلك الاكتشافات المبهرة في شتى فروع العلم و مناحي الحياة، التي أصبحت قادرة على تحقيق كثير من رغبات البشر، إلا إن هناك شئ تظل الآله البشرية عاجزة عن الوصول إليه، ذلك الشئ هو ( القيمة ) التي أصبحت مفقودة و ضائعة في عصر طغت عليه المادة و لوثته البهرجة المبالغ فيها.
وقد أبهر العالم حديثاً تجسيد شخصية أم كلثوم بالخلط بين النغمات الصوتية و سيل من الموجات الضوئية المُسقطة بتقنية (الهيلوغرام) على أحد مسارح دبي أو كما يسمونها ( مدينة السعادة ).
و قد ذاعت عناوين براقة في كثير من الصحف العربية (أم كلثوم تُحيي حفلاً على مسرح أوبرا دبي) و لا يخفى على القارئ مدى الإقبال الحسي، و الفرقعات الإعلامية التي قد يلقاها هذا الخبر، أو إن شئت فلتسميه بالأمنيات الضائعة، التي أصبح ينشدها البعض ممن يعيشون في المنطقة العربية الآن.
ورغم إن (اليوتيوب) ذلك الموقع العملاق بكل مالديه من إمكانات تخزينية هائلة، لديه القدرة على عرض حفلات سيدة الغناء العربي في نسختها الأصلية، إلا إن دخول مسرح وواقع افتراضي لحفلة غنائية لأم كلثوم بات أمنية تراود الكثير، فالبعض من يقصدها زهواً وافتخاراً، و البعض ينشدها حلمً ووقاراً. ومن منا لا تتوق نفسه أن يحضر حفل لأم كلثوم، أو يعايش تلك الأجواء التي حكاها لنا أجدادنا و أهلونا؟ فياكم تاقت أنفسنا لتلك الليال البروتوكولية، ذات الزي الرسمي (الاسموكن) وهذا الطرب الأصيل، بلا تعليق ولا ضجيج في دار الأوبرا المصرية أو في مسارح العالم العربي. و من منا لا ينشد سماع (عظمة على عظمة ياست)
الجملة الشهيرة التي اعتاد عليها حضور حفلاتها، التي بدأت في مسرح حديقة الأزبكية عام 1964 وأثناء عزف الفرقة للمقدمة الموسيقية لأغنية «أنت عمري»، صاح «سعيد الطحان» بأعلى صوته قائلا: «عظمة على عظمة يا ست» ولا زال يرددها طوال كل حفلاتها كلما أطربته بانفعال حقيقي.
ومع كل هذه الامكانات التقنية، التي قد تحاكي أم كلثوم جسداً وصوتاً، إلا إنه يبقى شئ هو ما أعطى لحفلاتها طعمها و أبهرنا برونقها! إنها القيمة، التي لا يمكن استعادتها، فلم نَعُد قادرون على ارتداء الطربوش (رمز الوقار) في حفلات أم كلثوم الهيلوغرامية، أو إن شئت فقل أصبحت مشاعرنا و أحاسيسنا مهلهلة تناغماً مع ما ألبسنا الغرب من ملابس مُقَّطَّعة. من الممكن أن تجسد التكنولوجيا أم كلثوم جسداً وصوتاً، لكن من يستطيع أن يعيد لنا طعم حفلاتها التي سمعنا عنها فعشناها دون أن نعايشها، إنها كالقهوة لكن عفواً بدون وِش!
أكتب هذه الكلمات و تجول بخاطري كلمات مرسي جميل عزيز، التي شدت بها سيدة الغناء العربي ( عايزنا نرجع زي زمان…قول للزمان ارجع يا زمان). متابعة د.هادي حسان

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: