
و.ش.ع
القاهرة _ د.مختار القاضي
أكثر من 70 عاماً وجهاز الموساد الإسرائيلي يحيط نفسه بهالة لا مثيل لها، ومع ذلك “الجواسيس يتساقطون”.. عملاء إسرائيل يبدو أن لهم “رائحة” يشمها المصريون عن بُعد.. فلا تمر عدة أشهر دون أن تعلن أجهزة الأمن المصرية عن ضبط شبكة تجسس جديدة وتقديمها للمحاكمة، ليصل عدد الجواسيس الذين تم كشفهم منذ عام 93 حتى الآن إلى 73 جاسوسًا، منهم مجموعة كبيرة من المصريين معظمهم سقط في قبضة العدالة، بينما هرب غالبية الإسرائيليين بسبب وجودهم خارج البلاد، لكن اللافت للانتباه في التحقيقات التي يتم إجراؤها مع كل جاسوس يتم اكتشافه، هو تطور وسائل التجسس التي بدأت من أيام الحبر السري بأنواعه المختلفة في خمسينات القرن الماضي، حتى وصلت إلى الإنترنت والثورة الرقمية التي كانت البطل الرئيسي في شبكة التجسس الأخيرة.. تفاصيل أكثر تضمها السطور القادمة.
قبل أيام فاجأت نيابة أمن الدولة في مصر الشارع العربي بالإعلان عن ضبط جاسوس يعمل لصالح إسرائيل، اسمه طارق عبد الرازق، وقد عثر معه عند القبض عليه على بعض الأدلة ومنها جهاز الكمبيوتر المحمول وكذلك الفلاش ميمورى، وهى أجهزة كان يستخدمها في نقل المعلومات المطلوبة منه إلى إسرائيل، واعترف المتهم بضلوعه في إنشاء أكثر من موقع، كان بعضها خاص بالنشاط العقاري في سوريا وموقع آخر لتوريد الحلويات الشامية، وثالث لتوريد زيت الزيتون.
كما قام بإنشاء أكثر من بريد إلكتروني بهدف تجنيد الشباب العرب كجواسيس تحت ادعاء توظيفهم، فيما أشارت التحقيقات التي تم الكشف عن جزء منها، إلى أن هذا الجاسوس، استطاع التجسس على شخصيات مصرية وسورية ولبنانية، من خلال وسائل اتصال حديثة واختراق بعض شبكات اتصالات المحمول ليتم تقديمه إلى محاكمة عاجلة أمام محكمة أمن الدولة العليا طوارئ في الخامس عشر من يناير المقبل بتهمة التخابر لصالح إسرائيل والإضرار بالأمن القومي.
وفى الوقت الذي تكشف فيه المصادر المصرية أنه تم ضبط 25 شبكة تجسس إسرائيلية في مصر خلال 10 سنوات فقط تورط فيها 75 مصريا و25 إسرائيليا، وذلك بخلاف الشبكات غير المعلنة.. تؤكد قضايا التجسس أن أجهزة المخابرات التي تعمل بالطبع في صمت، لا تعترف بحالة السلم، ولا حالة الحرب، ربما يزيد نشاطها في السلم أكثر من الحرب، كما كشفت تلك القضايا أن جميع أجهزة التجسس في العالم باتت تستعين بالعلماء والخبراء لتطوير أدواتهم حتى وصلوا أخيرا إلى شبكة الإنترنت، والثورة الرقمية، التي فتحت الباب على مصراعيه لتجنيد عملاء جدد من كافة الأعمار، مستغلين مشكلاتهم المادية والعائلية، كما حدث في شبكة التجسس التي كشفتها مصر قبل أيام.
هذا الرأي يتبناه أيضا اللواء سامح سيف اليزل خبير الأمن القومي الذي أشار أن هناك تطورا ملحوظا خلال السنوات الأخيرة في تقنيات التجسس بين الدول، وإن كان يشير إلى أن العملية الأخيرة التي كشفت عنها مصر كانت روتينية للغاية ولم تكشف أي جديد من الناحية الفنية سوى استخدام المادة الكيميائية الجديدة على نوع من الأوراق كبديل عن الحبر السري كدليل على تطور أداء المخابرات الإسرائيلية.
ورغم تزايد عمليات التجسس الإسرائيلية خلال السنوات الأخيرة، إلا أنه في المقابل لم تقف الدول العربية مكتوفة الأيدي، فمثلما استطاع العدو الصهيوني زرع عدد كبير من الخلايا داخل البلاد العربية، استطاعت مصر زرع خلايا أيضا داخل إسرائيل منذ عام 1956 وكان أشهر أعضائها المواطن المصري «رفعت علي سليمان» الشهير «برأفت الهجان» الذي وصل إلى إسرائيل وتمكن من إقامة مصالح تجارية واستطاع إمداد المخابرات المصرية بمعلومات كثيرة عن العدو الصهيوني منها موعد حرب 1967 وكان له دور مهم في تزويد مصر ببعض الأخبار عن حرب أكتوبر 1973، وكافأته القيادة المصرية واعتبرته أسطورة هزت إسرائيل وأنتجت له مسلسلا ضخما من عدة أجزاء يحكي الـ17 عاما التي قضاها في إسرائيل، لكن كعادة العدو الصهيوني حاول إيهام البعض بأن هذه الراوية من نسج خيال المؤلف المصري، لكنها عادت وبحثت من خلال كتَّابها ومحللوها فوجدت أنه حقيقة كائنة.. جاسوس مصري تغلغل في عمق الحياة الإسرائيلية بمؤسساتها ومسؤوليها حتى صار على صداقة مع أبرز القادة هناك.
أحمد محمد عبد الرحمن الهوان الشهير بـ جمعة الشوان
وكان أحمد محمد عبد الرحمن الهوان الشهير بـ جمعة الشوان أحد المصريين الذين لعبوا دورا في خدمة مصالح بلادهم، حيث قام بالتجسس لصالح مصر على مدى ست سنوات.
لكن هناك ضعفاء.. يكونون صيدا سهلا للإسرائيليين، ويقبلون التجسس على مصر لحساب إسرائيل.. وكان أولهم زوج وزوجة انحدرا من صعيد مصر وشهدا حرب الاستنزاف وهما «إبراهيم سعيد شاهين، وانشراح موسى» اللذان جندهما الموساد الإسرائيلي عقب احتلال سيناء وقدم لهما إغراءات لم يحلما بها، فخانا بلدهما، وتم ضبطهما ليصدر ضدهما حكم بالإعدام تم تنفيذه ضد الزوج، وبقيت الزوجة، ليتم إطلاقها بعد 3 سنوات في إطار عملية تبادل أسرى بعد حرب أكتوبر.
المرأة جاسوسة..أمينة المفتي
كما تعد أمينة المفتي هي الأخرى التي غيرت ديانتها إلى اليهودية من أشهر الجاسوسات المصريات التي عملت لحساب الموساد الإسرائيلي، وتنحدر أمينة من أصول شركسية مسلمة، هاجرت إلى الأردن وحصلت على مراكز سياسية واجتماعية مهمة وبدأت رحلة الاغتراب التي جعلت منها أشهر جاسوسة إسرائيلية للموساد،
حيث تزوجت طيارًا يهوديًا في البداية ومات على أيدي القوات السورية والفلسطينية، وقررت أن تنتقم لموته فتغلغلت في الفصائل الفلسطينية حتى عاشت في لبنان ووصلت إلى ملاجئ الفلسطينيين ووصلت بدهائها إلى مكتب ياسر عرفات وطلبت منه أن تعالج الجرحى إلا أنها انكشفت عام 1975 وتم اعتقالها من قبل السلطات الفلسطينية بعد إرسالها معلومات وتقارير غاية في الأهمية، وبقيت معتقلة حتى تم مبادلتها بعد 5 سنوات للإفراج عن أسيرين فلسطينيين.